• الحركات الاستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا //1

        الدرس رقم 1     الدرس رقم 2     الدرس رقم 3     الدرس رقم 4

      مقدمة: عرفت دول المغرب العربي " الجزائر، تونس، ليبيا " حركات وطنية تميز عملها فيما بين الحربين بالمطالبة بالإصلاحات. لكن المستعمر ظل يهتم بالمشاريع التي تخدم مصالحهن دون الاهتمام بمطالب هذه الحركات، التي أصبحت بعد الحرب العالمية الثانية تطالب بالاستقلال. ونظرا لتغاضي المستعمر عن رغبة شعوب المغرب العربي في الاستقلال، نهجت الحركات الوطنية أسلوب الصراع المسلح السري ضد المستعمر، إلى جانب الطرق الدبلوماسية قصد التحرر من السيطر الاستعمارية.  

     

    واجهت الحركة الوطنية التونسية الاستعمار الفرنسي وتمكنت من تحقيق الاستقلال:

    1 ) الاستغلال الاستعماري بتونس:  سيطرت فرنسا على تونس وفرضت عليها معاهدة باردو 1881 واتفاقية المرسى 1883. وعملت على تحويل الحماية إلى استعمار مباشر، حيث سيطر المقيم العام الفرنسي على جميع السلطات، وبقت سلطة الباي شكلية فقط. وقامت سلطات الحماية بإنشاء إدارة جديدة وإصلاح النظام القضائي مع الاحتفاظ بالإدارة التقليدية وخاصة القواد والأشياخ، وذلك لحماية مصالحها. وعملت على استغلال خيرات تونس المعدنية كالفوسفاط والحديد، وإنشاء الطرق لتصديرها. كما استحوذ المعمرون على الأراضي الخصبة، بل عملت فرنسا على منح الجنسية الفرنسية للإيطاليين المقيمين في تونس، وكذلك للأعيان قصد تدعيم الاستعمار. وعانى التونسيون من الاستغلال الاستعماري، مما دفعهم إلى النضال السياسي والمقاومة المسلحة.

     

    2 ) الحركة الوطنية التونسية:

    تزعمها في البداية شيوخ جامع الزيتونة الذين طالبوا بالحفاظ على القيم الدينية والأخلاقية. ثم اتخذت الحركة الوطنية طابعا سياسيا بعد تأسيس الحزب الدستوري في 1920، كامتداد لحركة تونس الفتية التي توقف نشاطها خلال الحرب العالمية الأولى. وتزعم الحزب الدستوري عبد العزيز الثعالبي، الذي طالب بعدة إصلاحات كالحريات العامة والمساواة بين التونسيين والفرنسيين، وتشكيل حكومة وطنية ومجلس وطني منتخب. ونظم العمال عدة إضرابات لتحقيق هذه المطالب . لكن السلطات الفرنسية لجأت إلى تصفية الحزب الدستوري واعتقال زعمائه في سنة 1926. لكن قاعدته توسعت نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية عقب أزمة 1929 الاقتصادية. وظهرت بين أعضائه فئة من الشباب الذي درس في أوربا ومن بينهم الحبيب بورقيبة الذي أسس في 1934 " الحزب الدستوري الجديد ". ونظم مع النقابات عدة إضرابات لتحقيق مطالب الإصلاحات. لكن الاستعمار الفرنسي واجهها بالعنف قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية.

    وبعد الحرب العالمية الثانية تدعمت الحركة الوطنية بإنشاء نقابة " الاتحاد العام للشغالين التونسيين " بزعامة فرحات حشاد، وأصبحت تطالب بالاستقلال. وقام الحزب الدستوري بمفاوضات مع فرنسا بشان الاستقلال على مراحل. وقبلت فرنسا إنشاء حكومة مشتركة : تونسية – فرنسية، مع الاحتفاظ بنظام الحماية. وقامت اضطرابات شعبية في أواخر دجنبر1951، واجهتها فرنسا بالقمع واغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد في 1952. لكن الحركة الوطنية نهجت أسلوب المقاومة المسلحة السرية " حركة الفلاكة ". وبدأت فرنسا المفاوضات مع الحزب الدستورين ووافقت على منح الاستقلال لتونس في 1955، مع احتفاظها بالسياسة الخارجية وحق حماية الأجانب وعدم تأميم ممتلكاتهم. لكن الزعماء التونسيون وقادة جيش التحرير عارضوا ذلك، فاضطرت فرنسا إلى منح الاستقلال التام لتونس بموجب اتفاقية 20 مارس  1956. وأعلن عن قيام الجمهورية التونسية برئاسة الحبيب بورقيبة في يوليوز 1957.

     

    تميز الوضع الخاص بالجزائر مابين 1900 و1962 بمواجهة مخططات الاستعمار والكفاح المسلح لنيل الاستقلال: 

    1 ) مخططات الاستعمار:

    استهدفت فرنسا إدماج الجزائر واعتبارها جزء من التراب الفرنسي. وعملت على تشجيع الفرنسيين بتوزيع الأراضي التي انتزعت من السكان، كما وزعت على حاملي الجنسية الفرنسية من إيطاليين وإسبان ومالطيون. كما عملت على منح الجنسية الفرنسية لليهود الجزائريين. وفي 1934 أصبح ربع الأراضي المزروعة في يد المستوطنين الفرنسيين مما أثر على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للأهالي؛ ففي البادية انتشرت المزروعات التسويقية خاصة الكروم، في ضيعات كبيرة تسيطر عليها مؤسسات تجارية ومالية، مستغلة اليد العاملة المحلية. وتم إنشاء الطرق البرية والسكك الحديدية والموانئ لتسهيل عملية التصدير، لتحقيق أهداف الاقتصاد الفرنسي. وتقلص الإنتاج المعيشي نتيجة انتزاع الأراضي من السكان وثقل الضرائب، التي أفقرت أغلب سكان البادية فاضطروا إلى العمل في ضيعات المستوطنين أو الهجرة إلى فرنسا. وفي المدن لم يعرف قطاع الصناعة أي تطور هام إلا بعد 1945، لرفض مبدأ تصنيع الجزائر من طرف المقاولين الفرنسيين، رغم تزايد عدد السكان وتوفر اليد العاملة.

     

    2 ) دور الحركة الوطنية:

      يتمثل في مواجهة سياسة الإدماج والاعتماد على الكفاح المسلح لنيل الاستقلال. وارتبط ظهور الحركة الوطنية باسم الأمير خالد، حفيد عبد القادر الجزائري، الذي أسس " كتلة المنتخبين المسلمين الجزائريين ". وبعد نفيه إلى سوريا، قاد الكتلة سباب تلقى دراسته في المدارس الفرنسية مثل فرحات عباس ومحمد بن جلون. وطالبوا بالمساواة بين الجزائريين والفرنسيين في إطار فكرة الإدماج.

    وأسس عبد الحميد بن باديس " جمعية علماء المسلمين " لمواجهة فكرة الإدماج. وكانت ذات طابع سلفي إصلاحي، دافعت عن الإسلام والثقافة العربية وأصالة الشعب الجزائري. وأسست المدارس والجرائد مثل الشهاب والبصائر، مما أدى إلى تطور الوعي الوطني الجزائري. وعملت السلطات الفرنسية على الحد من نشاط هذه الجمعية. وأسس المهاجرون الجزائريون جمعية " نجم شمال إفريقيا ط بباريس سنة 1926 بقيادة مصالي الحاج، منعتها السلطات الفرنسية في 1936، لتظهر من جديد تحت إسم " حزب الشعب الجزائري "في 1937

     وبعد الحرب العالمية الثانية أسس فرحات عباس ورفاقه حزبا جديدا تلخص برنامجه في المطالبة بالإستقلال في إطار المجموعة الفرنسية. وعارضه حزب الشعب الجزائري الذي أصبح يحمل إسم " حركة انتصار الحريات الديمقراطية "بزعامة مصالي الحاج. وانفصلت عنها العناصر الثورية في 1947 وأسست " المنظمة السرية " التي تحولت إلى "حزب جبهة التحرير الجزائرية". والتي قامت بعمليات فدائية في الجزائر وفرنسا. وفي أكتوبر 1955 تم التنسيق بين جيش التحرير الجزائري والمغربي. وتكونت حكومة جزائرية بالمنفى في مصر سنة 1958.

    وأمام تصاعد العمليات الفدائية ، قبلت فرنسا بالاعتراف باستقلال شكلي للجزائر، تحتفظ بموجبه بالدفاع والشؤون المالية الخارجية. لكن الجزائريين رفضوا ذلك. واستمرت المفاوضات وأسفرت عن إتفاقية إيفيان 18 مارس 1962 وأجري بموجبها استفتاء لتقرير المصير، في فاتح يوليوز 1962 كانت نتيجته لصالح استقلال الجزائر، والذي اعترفت به فرنسا رسميا في اليوم الثالث.

     

    واجه الليبيون الاستعمار الإيطالي، ثم سيطرة الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية:

    1 ) مواجهة الاستعمار الإيطالي:

    بدا التوغل الإيطالي في ليبيا سنة 1911، وتخلى عنها الباب العالي في 1913. وتزعمت المقاومة الحركة السنوسية، وهي  حركة سلفية مالكية، عارضت الوجود العثماني في البداية ثم الاستعمار الإيطالي. واضطرت إيطاليا إلى الاعتراف  بحكم السنوسيين لمنطقة برقة في 1917. وفي منطقة طرابلس أعلن الوطنيون قيام الجمهورية في 1918ن بقيادة سليمان الباروني وأحمد المريد وغيرهم. واعترفت إيطاليا بها في 1919. لكن صعود موسوليني إلى السلطة، أدى إلى إلغاء هذه الاعترافات وغزو ليبيا. وتزعم المقاومة في هذه المرحلة عمر المختار، في حين إلتجا محمد إدريس السنوسي إلى مصر. واستمرت مقاومة عمر المختار من 1923 على 1931 حيث اعتقل  وتم إعدامه مع عدد من المناضلين.

     

    2 ) مواجهة سيطرة الحلفاء:

    ساهم الليبيون إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء للقضاء على الفاشية. لكنهم لم يسعدوا بالاستقلال، حيث قسم الحلفاء ليبيا بينهم، فاحتلت ابريطانيا برقة وطرابلس، وسيطرت فرنسا على منطقة فزان. وأقامت الولايات المتحدة قواعد عسكرية جوية بطرابلس.

    ولمواجهة الاستعمار الجديد، أسس الليبيون " الحزب الوطني " بطرابلس في 1946. و"المجلس الوطني لتحرير ليبيا" في مصر سنة 1947. وطالبوا بالاستقلال والوحدة الوطنية. وعرضت مسألة ليبيا على الأمم المتحدة، التي قررت سنة 1948 منح الاستقلال لليبيا. وفي دجنبر 1951 أعلن عن استقلال المملكة الليبية حيث توج محمد إدريس السنوسي ملكا على ليبيا. ومنح عدة امتيازات للدول الأجنبية كتأسيس القواعد العسكرية والتنقيب عن البترول. أصبحت البلاد خاضعة للإحتكارات الأجنبية، مما أدى إلى ثورة الوطنيين بالجيش بزعامة معمر القدافي في فاتح شتنبر 1969، وإعلان قيام الجمهورية الليبية المعروفة حاليا بالجماهيرية.

     

    خاتمة:  استفادت الحركة الوطنية في باقي دول المغرب العربي من الأوضاع الدولية الجديدة بعد الحرب العالمية الثانية. وحولت اهتمامها من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالإستقلال. ونهجت أسلوب الكفاح المسلح إلى جانب الطرق الدبلوماسية لتحقيق الاستقلال.

        الدرس رقم 1     الدرس رقم 2     الدرس رقم 3     الدرس رقم 4

     

        الرجوع



    المصدر:http://boudina.voila.net


  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق