• البرازيل نمو اقتصادي واستمرار التفاوتات في التنمية البشرية//2

        الدرس رقم 1     الدرس رقم 2     الدرس رقم 3     الدرس رقم 4

    مقدمة: 

       تستمد التجربة التنموية البرازيلية خصوصيتها ضمن تجارب البلدان النـامية من كونها حققت نمواً اقتصاديا هاماً مع استمرار التفاوتات في التنمية البشرية على المستوى المجالي والمستوى الاجتماعي.

       فما مظاهر النمو الاقتصادي بالبرازيل؟ وما العوامل المفسرة لهذا النمو الاقتصادي؟ وما هي التفاوتات التي تعرفها البرازيل في مجال التنمية البشرية؟

      

      

      I- يتجلى النمو الاقتصادي الذي حققته البرازيل في عدة مؤشرات:

    تقع البرازيل في جنوب الكرة الأرضية في منطقة استوائية بأمريكا اللاتينية على امتداد طولي يصل إلى 3100كلم، وعرض 2200كلم، وتبلغ مساحتها نصف أمريكا اللاتينية وسكانها الثلث (186 مليون نسمة)،   مجاله الطبيعي تتقاسمه وحدات تضاريسية عبارة عن سهول وغابات بالشمال حيث حوض الأمازون، وهضاب بالوسط (الهضبة البرازيلية) وجبال بالجنوب (سييرا دا موند يكار)  مع شريط سهلي في أقصى الجنوب والشرق، وسكانها خليط من البيض (%55 من المجموع) والخلاسين والسود والأسيويين، وحوالي %83 من السكان يعيشون في المدن التي تتمركز معظمها في الجنوب والجنوب الشرقي.

      

    1: تعكس مميزات الفلاحة البرازيلية مظاهر قوتها:

    تتجلى مظاهر نمو الفلاحة البرازيلية فيما يلي:

    *     تكثيف الزراعات الموجهة للتصدير (الصوجا والذرة والبن وقصب السكر والكاكاو)، وتحسن المنتوجات الأخرى.

    *     تكثيف تربية الماشية بالشمال الشرقي.

    *   توسع المجال الزراعي في اتجاه الشمال والشمال الغربي.

    *     تطور وتنوع الإنتاج الفلاحي واحتلال المزروعات التسويقية للمراتب الأولى عالمياً (المرتبة الأولى في البن وقصب السكر والحوامض).

    ساهمت هذه التحولات في: تحسن البوادي البرازيلية من حيث البنية التحتية والمرافق ومداخيل الفلاحين + ازدهار الصناعة الغذائية ومساهمتها في تطور الفلاحة البرازيلية.

      

    2:  تُظْهرُ مميزات الصناعة البرازيلية بعض مظاهر قوتها:

    من أهم مميزات الصناعة البرازيلية، التي تبرز مظاهر قوتها:

    *     تنوع الأنشطة الصناعية، فبالإضافة إلى الصناعات التقليدية طورت البرازيل الصناعات عالية التكنولوجيا كصناعة الطائرات (خطاطة المجالات الصناعية، ص: 191).

    *     اتجاه المناطق الصناعية القديمة نحو التحديث.

    *    ظهور مراكز صناعية كبيرة أهمها المثلث الصناعي الرئيسي في البلاد: "بيلو أوريزانتي - ساو باولو - ريودي جانيرو"، الذي يضم مواد أولية وطاقية ، مراكز القرار الإداري والمالي، مواصلات متنوعة وكثافة سكانية مهمة...كما تنتشر الصناعة في مناطق أخرى حيث برزت أقطاب صناعية جديدة مثل: ماناووس في الأمازون وسالـ?ادور في الساحل الشرقي وبرتو أليـ?ري بأقصى الجنوب.

    *     احتلال بعض المنتجات الصناعية البرازيلية لمراتب عالمية متقدمة (الفولاذ المرتبة 8 – المطاط المرتبة 9...).

    *    تطور الإنتاج الصناعي حيث انتقل إنتاج السيارات الخاصة من 663 ألف وحدة سنة 1990م إلى 1 مليون 453 ألف وحدة سنة 2002م.

    * ازدهار الصناعات عالية التكنولوجيا (الاتصالات - والفضائية) مع تجديد وتطوير الصناعات الأساسية (الحديدية والكيماوية) والاستهلاكية (الغذائية والألبسة والنسيج)، وارتفاع مساهمتها في الصادرات البرازيلية وتشغيل نسبة مهمة من اليد العاملة.

    *    أهمية مساهمة الصناعة بالبرازيل في الناتج الوطني الإجمالي %34,3.

          ˂˂˂  أكبر قوة صناعية في أمريكا الجنوبية وقوة عالمية صاعدة إلى جانب الدول الصناعية الجديدة.

      

    3:  تحتل التجارة البرازيلية مكانة مهمة على الصعيد العالمي:

    انعكس التطور الحاصل في النشاطين الفلاحي والصناعي على قطاع التجارة الخارجية للبرازيل، ويظهر ذلك من خلال بنية هذه التجارة التي تعكس مكانتها العالمية، ويتجلى ذلك في:

    *     أهمية المنتجات الصناعية في بنية التجارة (حوالي %53 من الصادرات).

    *     تزايد الحاجة إلى المواد الطاقية (%22,5 من مجموع الواردات).

    *     تطور فائض الميزان التجاري (45 مليون سنة 2005م).

    *     تعدد الشركاء التجاريين للبرازيل، إذ تتعامل البرازيل مع أمريكا الشمالية، الاتحاد الأوربي، أمريكا الجنوبية، آسيا الشرقية، إفريقيا والشرق الأوسط.

      

      

     - ارتبط النمو الاقتصادي بالبرازيل بعدة عوامل:

    1- ساهمت عوامل طبيعية وتنظيمية وبشرية وتقنية في قوة الفلاحة:

    *    العوامل الطبيعية:  وتتمثل في كون سطح البرازيل يتكون من وحدتين تضاريسيتين كبيرتين هما: الهضبة البرازيلية وحوض الأمازون، وتنحصر التربة الخصبة في الجنوب. أما المناخ فيتسم بالتنوع وأهمية التساقطات: مناخ استوائي في حوض الأمازون ومداري في الهضبة البرازيلية وشبه مداري في الجنوب.

     ˂˂˂  اتساع المجال الزراعي والرعوي (340 مليون هكتار) وما يوفره من إمكانات إيجابية لممارسة الأنشطة الفلاحية.

    * العوامل التنظيمية والبشرية:  وتتجلى في وفرة اليد العاملة وانتشار الاستغلاليات الرأسمالية الواسعة (Latifundia)، خلق فلاحة رأسمالية تسويقية (مندمجة في الدورة النقدية)، وهيمنة شركات متعددة الجنسيات.

    * العوامل التقنية:  تساهم هذه العوامل في تطور الفلاحة البرازيلية، وتتمثل في: الاستعمال الواسع للمكننة والاعتماد على المختبرات والبحث العلمي الفلاحي واستعمال البذور المختارة والأسمدة والمبيدات وتحسين السلالات... إضافة إلى الاستفادة من الاستثمارات المالية الوطنية والأجنبية، فضلاً عن تدخل الدولة عبر مراكز البحث والتوجيه.

      

    2: استفاد القطاع الصناعي من وفرة المعادن وتدخل الدولة:

    * الثروات الطبيعية:  يتيح الوسط الطبيعي للاقتصاد البرازيلي إمكانات كبيرة من معادن ومصادر الطاقة، وقد تطورت نسبة التغطية الطاقية بالبرازيل من %84,5 سنة 2002م إلى %89,3 سنة 2005م.

    * تدخل الدولة:  يتجلى دور الدولة في الدور الإيجابي الذي تقوم به من خلال إنجاز البنية التحتية و تأسيس جهاز إنتاج وطني يقوم بتنسيق العلاقات بين المؤسسات الكبرى الخاصة والوطنية والبحث عن الأسواق، وتشجيع المشاريع الصناعية عن طريق تنظيم القروض وتبسيط المساطر الإدارية، ثم نهج ليبرالي يرتكز على الخوصصة وتشجيع الاستثمارات الوطنية وجلب الاستثمارات الأجنبية.

    ˂˂˂   نمو قياسي في عدد من القطاعات الصناعية مثل صناعة الآلات والتجهيزات %19,7 وصناعة السيارات %29,9 إلى جانب صناعة الأدوات الإلكترونية وتجهيزات الاتصال.

      

    3- أدى العامل الجغرافي والاقتصادي والتنظيمي إلى تقوية التجارة البرازيلية:

    *  العامل الجغرافي:  يتمثل في الموقع الاستراتيجي المنفتح على المحاور التجارية العالمية الكبرى وتقطع السواحل مما يسمح ببناء موانئ ضخمة مجهزة بأحدث التقنيات.

    *  العامل الاقتصادي:  ويتجلى في وفرة الثروات الطبيعية والزراعات التسويقية و الخشب (غابة الأمازون) والاستثمارات الأجنبية.

    *  العامل التنظيمي:  الاستفادة من مجموعة  «مركوسور» (Mercosur)  والشركات المتعددة الجنسيات وتبني النظام الرأسمالي المرتكز على اقتصاد السوق، منفتح على العالم، مع تنظيم بنكي جيد ومحكم، وتشجيعات الدولة المتمثلة في دعم الصادرات وإلغاء الضرائب وخلق نظام تأمين القروض، إضافة إلى تنظيم المعارض والمهرجانات التجارية ووجود موانئ كبرى مجهزة (ساو باولو، ريو دي جانيرو ...) .

      

      

     III-تواجه البرازيل مجموعة من المشاكل والتحديات:

    تصنف البرازيل ضمن البلدان ذات التنمية المتوسطة، فهي تحتل المرتبة 69 عالمياً (المغرب 123)، ومؤشر التنمية بها 0,792 (مقابل 0,640 بالنسبة للمغرب). وعرف هذا المؤشر تطورا إيجابيا منذ 1990م، إلا أن توزيع التنمية البشرية يعرف تفاوتا كبيرا على المستويين المجالي والاجتماعي:

    1-  تعاني البرازيل من التباين الاقتصادي بين الجهات والأقاليم:

    تعرف البرازيل تناقضا كبيرا بين الجنوب والجنوب الشرقي من جهة  والشمال والشمال الشرقي من جهة ثانية:

    * الجنوب والجنوب الشرقي:  كثافة سكانية عالية، شبكة حضرية قوية، شبكة مواصلات كثيفة ومتنوعة، نشاط فلاحي كثيف، تمركز المثلث الصناعي، تركز المؤسسات المالية والاستثمارات الوطنية والأجنبية وهو ما انعكس على وضعية التشغيل والدخل الفردي.

    * الشمال والشمال الشرقي:  كثافة سكانية ضعيفة، قلة المواصلات، ضعف الأنشطة الاقتصادية الفلاحية والصناعية وتمركزها في مناطق محدودة. وقد أدى ذلك إلى ضعف الاستثمارات والدخل الفردي والشغل، وبالتالي استفحال ظاهرة الهجرة الداخلية رغم مجهودات الدولة.

             ˂˂˂  هذا التباين بين الأقاليم بالبرازيل يعرقل التنمية الشاملة بهذا البلد النامي.

      

    2-  تواجه البرازيل مشاكل اجتماعية مستعصية تعرقل التنمية:

    تعاني البرازيل مشاكل اجتماعية تحول دون تحقيق التنمية بها نلخصها فيما يلي:

    * مشاكل سوسيو – اقتصادية:  تتمثل في ارتفاع نسبتي الفقر (%21,2)، والبطالة (%10,8)، انخفاض متوسط الدخل الفردي (8195 دولار كمتوسط)، انتشار الأمية وضعف مستوى التمدرس والتأطير الصحي.

    ˂˂˂  تتفاوت هذه المؤشرات حسب الولايات والأقاليم وبين المدن والأرياف بل حتى داخل المدينة الواحدة.

    * تفاوتات طبقية صارخة: تسجل البرازيل أعلى مستوى في الفرق بين %10 الأكثر غنى و%10 الأكثر فقراً، وأكثر من ثلثي سكان الأرياف (أي ما يمثل 20 مليون نسمة) فقراء يعاني أغلبهم من الإقصاء والتهميش والبطالة ويعيشون أوضاعا مزرية. وقد أدت هذه الأوضاع إلى انتشار الأحياء الفقيرة  (فا?ـيلا Favela)  والتشرد والجريمة وغيرها...

      

    3- تبذل الدولة مجهودات لمواجهة التفاوتات في التنمية البشرية:

    أمام حدة هذه المشاكل تدخلت الدولة باتخاذها الإجراءات التالية:

     *     بناء العاصمة " برازيليا " داخل البلاد لفك العزلة عن المناطق الداخلية واستقطاب الاستثمارات.

    *  تعمير غابة الأمازون عن طريق اجتثاث الغابة وتوزيع الأراضي على صغار الفلاحين.

     *     استغلال الثروات الطبيعية التي تزخر بها المناطق الداخلية.

     *     الاهتمام المتزايد بالمناطق الأكثر هشاشة، وخاصة بالشمال الشرقي.

      

      

    خاتمة:  إذا كانت البرازيل قد حققت قفزة اقتصادية مهمة جعلتها من كبار المنتجين على الصعيد العالمي ( الأولى في أمريكا اللاتينية و العاشرة عالمياً)، فإن التوزيع غير المتوازن للثروة على المستويين المجالي والاجتماعي (تباين إقليمي شديد على المستوى الاقتصادي وتفاوتات اجتماعية خطيرة)  يجعل البلاد تصنف ضمن بلدان العالم النامي.

        الدرس رقم 1     الدرس رقم 2     الدرس رقم 3     الدرس رقم 4

     

        الرجوع



    المصدر:http://hgeocharafi.voila.net


  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق