• المغرب: الكفاح من اجل الاستقلال واستكمال الوحدة الترابية //4

        الدرس رقم 1     الدرس رقم 2     الدرس رقم 3     الدرس رقم 4

    تقديم إشكالي:
    أدى الاحتلال الفرنسي للمغرب ونهب خيراته ومحاولة تمزيق وحدته ومسخ هويته من خلال الظهير البربري ،الى نشوء الحركة الوطنية المغربية التي بلورت نضالها من كفاح مسلح (1912 – 1934 م) الى مقاومة سياسية طالبت في مرحلة أولى بالإصلاح (1934 – 1939 ) ثم تحولت الى المطالبة بالاستقلال (1944- 1956 ) .هذا الأخير الذي تحقق في 2 مارس 1956 ،غير ان المغرب واصل كفاحه من اجل استكمال وحدته الترابية التي تمت على مراحل .
    - فما هي السمات التي ميزت مطالب الحركة الوطنية في ثلاثينيات القرن 20م ؟
    - ما هي التحولات التي طرأت عليها منذ يناير 1944 م ؟
    - وما المجهودات التي يذلها المغرب من اجل استكمال وحدته الترابية ؟

      

    I - نشأة الحركة الوطنية واهم مطالبها الإصلاحية:

    1- ظروف نشأة الحركة الوطنية ووسائل عملها :
    - ارتبطت نشأة الحركة الوطنية بالمغرب بعوامل كانت أهمها :
     * فشل المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الفرنسي والاسباني ما بين 1912-1934 .
     * صدور الظهير البربري في 16 ماي 1930 الذي استهدف تمزيق وحدة الشعب المغربي ،حيث عزل القبائل الامازيغية فيما يخص تطبيق القانون والأحكام ،وفرض عليها الخضوع للأحكام العرفية بدل أحكام الشرع الاسلامي ومنح المحاكم العرفية مهمة البث في القضايا المدنية والتجارية وأوكل للمحاكم الفرنسية البث في القضايا الجنائية والعقارية ،ففسح ذلك الفرصة لبروز الحركة الوطنية المغربية .
     * صدور قانون إلحاق المغرب بوزارة المستعمرات .
     * انهيار طموحات البورجوازية المغربية.
    - تشكلت الحركة الوطنية في بدايتها من عناصر متشبعة بالفكر السلفي (طلاب القرويين وعلى رأسهم علال الفاسي) وأخرى متشبعة بالثقافة الغربية من أبناء البورجوازية المغربية أمثال محمد حسن الوزاني واحمد بلافريج ومحمد اليزيدي. وقد اتجهت هذه العناصر الى استعمال العمل الدعائي والإعلامي للتعبير عن مواقفها وتأطير الرأي العام .فكونت تنظيما حزبيا سريا سنة 1930 ،اعتمد على :
     * تحرير العرائض المطلبية .
     * تنظيم حلقات للتوعية (المساجد + المدارس الحرة...)
     * إصدار الصحف مثل : مجلة مغرب Maghreb 1932 بباريس (ر.ت. هو بلافريج ) + صحيفة عمل الشعب 1933 بفاس (ر.ت.هو الوزاني ).وكانت جل مواضيع هذه الصحف تتمحور حول محاربة الظهير البربري.كما دعت الى الاحتفال بعيد العرش لأول مرة في 12 نونبر 1933.
    - وأمام تعنت سلطات الحماية قامت النخبة المثقفة الوطنية بتأسيس أول حزب علني هو "كتلة العمل الوطني"(ترأسه علال الفاسي وحسن الوزاني وأحمد بلافريج).وقد أعدت الكتلة برنامجا للإصلاحات تقدمت به في دجنبر 1934 الى سلطان المغرب والإقامة العامة والحكومة الفرنسية . غير ان فرنسا رفضت التعامل مع هذه المطالب.
    - في سنة 1936 استغلت الكتلة ظروف صعود الجبهة الشعبية الى الحكم بفرنسا واندلاع ثورة فرانكو باسبانيا لتنظيم تظاهرات قصد تشكيل قاعدة شعبية ومن تم تحويل نفسها من حزب منغلق نخبوي الى حزب جماهيري .وقد أدى اختيار علال الفاسي رئيسا للحزب الى انسحاب الوزاني وانشقاق الحزب .كما ان سلطات الحماية الفرنسية استغلت هذا الانشقاق فتدخلت واعتقلت الزعماء وحلت الكتلة سنة 1937.مما أدى الى ظهور أحزاب بديلة هي :


     * في منطقة النفوذ الفرنسي ظهر حزبان على اثر انشقاق الكتلة سنة 1937 هما :
    .الحركة الوطنية لتحقيق الإصلاحات : تزعمه علال الفاسي .بعد أحداث واد بوفكران في 1 شتنبر 1937 تم حل الحزب ونفي علال الفاسي الى الغابون الى غاية 1946.
    .الحركة القومية : تزعمه الوزاني الذي نفي بعد أحداث واد بوفكران الى تخوم الصحراء الى غاية 1946
     

    * في منطقة النفوذ الاسباني ظهر حزبان هما :
    -حزب الإصلاح الوطني : أسسه عبد الخالق الطريس سنة 1936 بعد تأييده لنظام فرانكو عكس رواد الحركة الوطنية بالجنوب.
    -حزب الوحدة المغربية :أسسه المكي الناصري سنة 1937 بدعم من السلطات الاسبانية لخلق توازن حزبي داخل المنطقة الخليفية.

      

    2- أهم المطالب الإصلاحية للحركة الوطنية خلال فترة الثلاثينيات :
    اقتصرت مطالب الحركة الوطنية في فترة الثلاثينيات على إصلاحات ذات طبيعية سياسية واقتصادية واجتماعية بالمنطقتين الاسبانية والفرنسية :
    - "مطالب الأمة" في ماي 1931 بالمنطقة الاسبانية ركزت على :
    * انتخاب مجالس بلدية ومجالس شورى وإشراك الأهالي في إدارته وفي تقرير ميزانيته العامة .
    *المطالبة بحرية الصحافة وحق تأسيس جمعيات وفتح مدارس ابتدائية وثانوية بالمدن تجمع بين الثقافتين الإسلامية والاسبانية، وفتح الباب في وجه البعثات الطلابية الى اسبانيا.
    *العناية بالفلاح ودعمه بالقروض ووسائل العمل .
    -"برنامج الإصلاحات المغربي" بالمنطقة الفرنسية في دجنبر 1934. لم يعترض على نظام الحماية، لكنه طالب باحترام بنودها بإلغاء الإدارة المباشرة والحفاظ على الوحدة الترابية والقضائية للبلاد وبإشراك المغاربة في ممارسة السلطة، كما تضمن البرنامج إصلاحات اجتماعية واقتصادية ومالية لم تستجب سلطات الحماية لأي مطلب منها.
    - المطالب المستعجلة لسنة 1936 بالمنطقة الفرنسية: ركزت على حرية الصحافة والعمل الجمعوي وحرية التنقل ودعت الى توحيد برامج التعليم وإنشاء مدارس فلاحية وإصلاح جهاز القضاء وإلغاء الاستعمار الفلاحي الرسمي وتوسيع نظام القروض والمساواة في أداء الضرائب والتخفيف منها وتطبيق قانون الشغل على قدم المساواة بين المغاربة والفرنسيين والرفع من عدد المستشفيات والأدوية.
    ← تجاهلت سلطات الحماية هذه المطالب وردت عليها بالقمع والاعتقال ونفي زعماء الحركة الوطنية 1937 (علال الفاسي والوزاني )الشيء الذي زاد من تقوية الحس الوطني بالحرية والاستقلال .

      

    II – مجهودات الحركة الوطنية من اجل الاستقلال:

    1-تحول الحركة الوطنية نحو المطالبة بالاستقلال:
    - ساهمت الظروف المستجدة منذ اندلاع ح.ع.2 في تغير مواقف الحركة الوطنية من المطالبة بالإصلاح الى المطالبة بالاستقلال .واهم هذه الظروف :
    * انشغال الدول الاستعمارية وضعفها بسبب ح.ع.2 .
    * إقرار مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها من طرف الميثاق الاطلنتي 1941 والأمم المتحدة 1945.
    * لقاء أنفا سنة 1943.
    * انشاء الجامعة العربية والتطور السياسي في المشرق العربي.
    ← هذه العوامل أدت الى توسيع قاعدة الحركة الوطنية وفي تغيير لهجتها (الأحزاب + القصر + العمال + العمل الفدائي + جيش التحرير ).
    - لعبت الأحزاب الوطنية دورا مهما في نشوء فكرة المطالبة بالاستقلال بفضل مجهودها الإعلامي والدعائي لقضية المغرب في الداخل والخارج:
    - حزب الاستقلال : امتداد للحزب الوطني لتحقيق الإصلاحات.أسسه احمد بلافريج سنة 1943. وفي 11 يناير 1944، قدم"وثيقة المطالبة بالاستقلال" للملك محمد الخامس، رحمه الله، وسلمت نسخة منها للإقامة العامة وممثلي الولايات المتحدة وبريطانيا بالرباط،. تضمنت الوثيقة على الخصوص مطالب همت استقلال المغرب تحت ظل ملك البلاد محمد بن يوسف ، والسعي لدى الدول التي يهمها الأمر لضمان هذا الاستقلال، وانضمام المغرب للدول الموافقة على وثيقة الاطلنتي والمشاركة في مؤتمر الصلح، والرعاية الملكية لحركة الإصلاح وإحداث نظام سياسي شوري شبيه بنظام الحكم في البلاد العربية الإسلامية بالشرق، تحفظ فيه حقوق وواجبات الشعب المغربي.
    - حزب الشورى والاستقلال : امتداد لحزب الحركة القومية .أسسه الوزاني 1946.عبر في جريدته "الرأي العام"عن ضرورة استقلال المغرب وإقامة نظام دستوري ديمقراطي.
    - الحزب الشيوعي بالمغرب : تاسس سنة 1940 من طرف عناصر فرنسية بقيادة ليون سلطان.وفي 1945 عوضه علي يعته .طالب بحق المغاربة في تقرير مصيرهم وطرد الامبريالية وتطبيق الحريات والقيام بإصلاح زراعي.
    ← هذه المطالب قابلتها سلطات الحماية بالرفض واستعملت العنف لقمع الأحزاب الوطنية، مما دفع الى إصدار ميثاق الجبهة الوطنية بطنجة في 1951 والتي ضمت حزبي الاستقلال والشورى والاستقلال من الجنوب، وحزبي الإصلاح الوطني والوحدة المغربية من الشمال، وتم تشكيل هذا التجمع تحت رعاية الجامعة العربية. وتمت باسم التجمع المذكور عدة خطوات مشتركة، من مذكرات وتنقلات، وتم الاتفاق على مواصلة النضال ومقاطعة المفاوضات مع المعمر في غياب الاعتراف بالاستقلال وتكثيف التعاون مع الجامعة العربية ومع الحركات الوطنية بباقي بلدان العالم العربي .

      

    2- دور ثورة الملك والشعب في تحقيق استقلال المغرب:
    شهدت مرحلة الأربعينيات وبداية الخمسينيات منعطفا جديدا في تاريخ المقاومة المغربية ، حيث احتدت الأزمة بين السلطان والإقامة العامة نتيجة المواقف التي عبر عنها محمد بن يوسف سواء في لقاء أنفا 1943 ( طرح فيه محمد الخامس ملف المغرب أمام روزفلت و تشرشل لتطبيق ميثاق الاطلنتي ) أو في خطاب طنجة 1947 (أكد فيه على وحدة المغرب والتشبث بالإسلام والعروبة ) أو أثناء زيارته لفرنسا 1950 ( قدم مذكرة ترفض الإصلاح في ظل الحماية ) أو في خطاب العرش في 18 نونبر 1952 (طالب فيه بالاستقلال )،كما أخذ يرفض التوقيع على الظهائر التي تمس بمصالح المغرب . وبعد فشل الإقامة العامة في فك الارتباط الحاصل بين السلطان والتنظيمات السياسية، استغلت في سنة 1952 فرصة قيام مظاهرات بالمدن المغربية احتجاجا على اغتيال الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد،لتقوم باعتقال الزعماء السياسيين وتمنع الأحزاب والصحف. وأطلقت النار على المتظاهرين، حيث قتل في الدار البيضاء وحدها حوالي 16 ألف مغربي. وفي نفس الظروف قامت بمساعدة القواد الكبار " الكلاوي " بعزل السلطان سيدي محمد بن يوسف، وتعيين أحد أفراد أسرته محمد بن عرفة،ثم نفيه وأسرته إلى جزيرة كورسيكا في 20 غشت 1953 ، وبقي هناك إلى أواخر يناير 1954،ليتم نفيه إلى جزيرة مدغشقر، وبقي هناك إلى غاية 29اكتوبر 1955. لم يعترف المغاربة "بالسلطان الجديد"، وخرجوا في مظاهرات جماهيرية تردد شعارات وطنية "ابن يوسف ملكنا....والمغرب وطننا" "ابن يوسف يجي غدا ....الاستقلال ولابدا. "وتصاعدت العمليات الفدائية التي نفذتها المقاومة المسلحة السرية ، وتشكلت النواة الأولى لجيش التحرير. واستهدف المقاومون اغتيال ابن عرفة مرتين، كما استهدفوا اغتيال الباشا الكلاوي، إضافة إلى تخريب المنشآت الاستعمارية.
    وفي هذه الظروف حصل المغرب على تأييد الجامعة العربية وحركة دول عدم الانحياز، لرفع قضية المغرب إلى الأمم المتحدة، مما أرغم السلطات الفرنسية على إجراء التفاوض مع قادة الحركة الوطنية بمدينة أيكس ليبانAix - les Bains مابين 22-27 غشت 1955،والتي نصت على عودة الملك محمد بن يوسف إلى المغرب وخلع ابن عرفة + تشكيل مجلس العرش+ تشكيل حكومة مغربية.وفي 30اكتوبر 1955 غادر السلطان والأسرة الملكية مدغشقر في اتجاه فرنسا .وما بين 2 و6 نونبر 1955 أجريت المفاوضات النهائية بمدينة سان كلودSaint-Cloud  الفرنسية بين محمد الخامس ووزير خارجية فرنسا أنطوان بيناي Antoine Pinay ،حيث تم استكمال نقاش ما تقرر في مفاوضات أيكس- ليبان وانتهت بالتأكيد على استقلال المغرب وعودة محمد الخامس إلى ارض الوطن في 16 نونبر 1955. و في 2 مارس 1956 اعترفت فرنسا باستقلال المغرب،كما اعترفت اسبانيا باسترجاع المغرب للقسم الشمالي في 17ابريل  1956

      

    3- مراحل استكمال المغرب لوحدته الترابية :

    أ- المناطق المسترجعة مابين ابريل 1956 يونيو 1969

    بمجرد ما حصل المغرب على استقلاله من فرنسا ،حتى اتجه اهتمام السلطان ،والمغاربة الى استرجاع ما بقي من التراب المغربي الذي كان بيد الاحتلال الاسباني معتمدا في ذلك أسلوبا سلميا حضاريا قائما على الحوار والتفاهم ،فمكنت هذه الوسيلة من تحقيق نتائج ايجابية تمثلت في :
    - اعتراف اسبانيا باستقلال المغرب وسيادة السلطان على مناطقه الشمالية في 7 ابريل 1956.
    -استرجاع مدينة طنجة الدولية في 25 أكتوبر 1956 مع إبقاء بعض الامتيازات التجارية والجمركية والمالية الى حدود 1956.
    - استرجاع منطقة طرفاية في 1958 عقب مقاومة قبائل ايت بعمران معززة بجيش التحرير والتي انتهت بمفاوضات مغربية اسبانية.
    - استرجاع منطقة سيدي افني في 30 يونيو 1969 بعد قرار الأمم المتحدة وزيارة الملك الحسن الثاني للجنرال فرانكو بمدريد.

      

    ب- جهود المغرب لاسترجاع منطقتي الساقية الحمراء ووادي الذهب

    - حاولت اسبانيا استخدام أسلوب المماطلة بشأن قضية الصحراء المغربية وتعليقها ، مما دفع المغرب الى رفع القضية الى محكمة العدل الدولية بلاهاي التي أكدت مغربية الصحراء ،استنادا الى ثوابت البيعة التاريخية وولاء القبائل الصحراوية للسلاطين المغاربة .فدفع ذلك الملك الراحل الحسن الثاني الى إبداع فكرة تنظيم مسيرة خضراء بمشاركة 350.000 مغربي ومغربية اختارت أسلوبا سليما في 6 نونبر 1975 فمكنت من استرجاع الساقية الحمراء .
    - وفي 14 غشت 1979 التحقت منطقة وادي الذهب بالوطن على اثر تجديد قبائلها البيعة للعرش ،العلوي وملكه .
    هكذا استرجع المغرب كافة أقاليمه الصحراوية ،حيث لم يستثن من ذلك سوى سبتة ومليلية والجزر التي مازالت تحت الاحتلال الاسباني.

      

      

    خاتمة : تضح اذن أن حصول المغرب على استقلاله قد تطلب نضالا طويلا وتضحيات جسام، وهو نضال لازال متواصلا في درب التنمية وبناء الدولة المغربية الحديثة ,علما أن الخيار السلمي والحضاري الذي اختاره المغرب في سياسته الداخلية والخارجية وفي معالجة قضاياه الإستراتيجية هو الذي سيقوده الى استرجاع سبتة ومليلية والجزر الجعفرية.

        الدرس رقم 1     الدرس رقم 2     الدرس رقم 3     الدرس رقم 4

     

        الرجوع




  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق